«تعمل إيه الستات أكتر من كده عشان تحسوا بينا»!!.. جملة عبقرية، قالتها سيدة من الطبقة المتوسطة أمام لجنة الانتخابات، اخترقت أذنى وهزت قلبى واستفزت عقلى، لم تكن توجهها لشخص بعينه، ولا حتى لمسئول أو لرجل، كانت تصرخ وكأنها تتهم وتدين، لكننى أحسست بأنها تصرخ وهى مصممة على أن تنتزع حقها، هى فقط تبلغ الجميع بأن عصر تحرير المرأة وزمن فك قيودها وأغلالها قد حان، إنه التحرر الجديد والاعتراف الجديد الذى انتزعته المرأة بأظافرها وبحضورها وبحماسها، وقد آن الأوان أن نمنحها حقها، هو حقها وليس مكافأة أو منة أو منحة من الرجل أو من المجتمع، إنه حقها المكتسب والشرعى الذى تأخر كثيراً، تساءلنا واندهشنا ما سر هذا الحضور الكثيف للمرأة والذى بلغ حداً كاسحاً أخجل الرجال وأستفز الشنبات؟ إنها تاء التأنيث التى تمتلك قرون استشعار حساسة، وراداراً لاقطاً ورؤية زرقاء يمامة مدققة ومحققة ومتنبئة، تاء التأنيث التى منحها الإله قدرة إحساس تجعلها تحس ببكاء طفلها، حتى ولو كان على بعد أميال، هذا ما جعلها تحس، بل وتتأكد أنها لوحة التنشين المقبلة فى زمن الإخوان، هى القربان فى عصر عصابة التنظيم، الذى سرق مصر والذى سيقدم على مذبح مكتب الإرشاد، قدموها كوردة فى عروة الجاكتة، بل ورسموها وردة فى لافتات الانتخابات، سمحوا لرفاق تجارة الدين وسماسرته بأن يتحدثوا عن زواج بنات السنوات التسع، ويسمحوا بتجارة الرقيق وتشجيع ختانهن البربرى ورميها بنقصان العقل والدين وشيطنتها، لأنها فى قاع جهنم وبئس المصير، قررت المرأة المصرية أن تأخذ حقها بنفسها وتهجر عصر النضال بالوكالة، رفضت الاستمرار فى كتابة التوكيلات للرجل بأن يدافع عن حقها، فيرمى لها بالفتات، آن الأوان أن تحتل المرأة نصف البرلمان، وهذه ليست مبالغة ولكنه حق وواجب يمليه الواقع والضمير، حضور المرأة فى الانتخابات بهذه الكثافة له عدة دلالات لا بد من ترجمتها وقراءتها بعين واعية، هى ليست كثافة عدد فقط، ولكنها كثافة تأثير، وكثافة وجود، وكثافة تحقق، وكثافة فعل، وكثافة تغيير، لم تعد المرأة مجرد رقم، من سيعيدها إلى خانة الحساب ويستدعيها فقط فى الانتخابات ستصيبه لعنة تاء التأنيث الشبيهة بلعنة الفراعنة وسرعان ما سيفقد عرشه مثلما فقده الإخوان، فدخلوا غرفة تكهين نفايات متحف التاريخ، آن أوان تحويل المرأة من صوت انتخابى إلى صوت برلمانى فاعل وفى المستقبل صوت رئاسى لا يجرؤ أحد بعد ذلك على أن يقول لا ولاية لامرأة ويرفض تعيينها قاضية إلى آخر هذا التهريج الذى لم يعد مناسباً ولا مسموحاً به فى الزمن المقبل، آن أوان رد الجميل للكيان الجميل.